رجل مسن بدأ يعاني من مرض النسيان ( ألزهايمر ). أخذه إبنه إلى الحديقة العمومية الواقعة بحي سكناهم ذات مساء جلس الرجلان على مقعد خشبي يستمتعان بنسمة الهواء و ظلال الأشجار. و إذا بصوت عصفور يغريد فوق الشجرة يقع على أذنيهم.
سأل الرجل إبنه من هذا الذي يغني فوق رأسنا يا إبني؟
رد عليه الابن: إنه عصفور يا أبي، ألا تراه؟ إنه فوق الشجرة المحاذية لنا.
سكت الرجل ، ثم نطق: من الذي يغني هنا يا إبني؟
اجابه الإبن: العصفور يا أبي. إننا في فصل الربيع, العصافير تطير بين الأشجار فارحة بقدوم فصل الأزهار و الإخضرار.
ثم سكت الرجل لحظة وقال : لمن هذا الغناء يا إبني؟
قال الإبن قلت لك العصفور. العصفور يا أبي. لماذا هذا التكرار.
كرر الأب نفس السؤال على ابنه،
هنا غضب الابن على أبيه و قال له لماذا هذا التكرار الممل يا أبي؟ إن كلامك مقلق، لماذا هكذا ،تكرر الكلام لعدة مرات، لم تكن هكذا يا إبي لماذا تغيرت؟
في يوم من الأيام سترى والديك مسنين, غير منطقين في تصرفاتهما
عندها لا تنسى الإحسان بالوالدين من فضلك أعطيهما بعض الوقت و بعض الصبر لتفهمهما
خجل الأب من كلام ابنه فسكت. ثم قال : لماذا تستعمل هذا الكلام معي يا ابني،
ألم تتذكر يوم كنت صغيرا كنت أخذ بيدك و نأتي معا إلى هذه الحديقة مساء كل يوم. نجلس على نفس المقعد، عندما تسمع زقازيق العصافير فوق الأشجار، كنت تسأل عن الذي يغني.
كنت أجاوبك بفرح. العصفور يغني فوق الشجر يا إبني. ثم تكرر دون عياء نفس السؤال،
و أنا أفرح من تكرار الكلام و أهمس في نفسي إنّ إبني بدأ يتكلم و لا بد من الاهتمام به
حتى يتعلم.
كانت الفرحة تلهب فؤادي و تهيج شعوري و أنا سعيد بإبني الذي يكبر بين أحضاني. شعور لا مثيل له و لا يعرفه إلاّ الوالدين
في آخير النهار، و عندما نرجع إلى الدار نجد أمك في إنتظارنا. أقاطع كلامها بالحكي على ما حدث لنا في الحديقة. تضحك بدورها من شدة الفرح. و تعم الفرحة كل أرجاء الدار. لا تستطيع التمسك بإحساسها و تبدء بالدعاء لنا على دوام الفرح و الهناء و الصحة لابننا.
سمع الابن هذا الكلام غير المنتظر. إنهار أمام أبيه و جلس يبكي واضعا رأسه فوق ركبتيه و يقول: أعتذر منك يا أبي بالله سامحني يا أبي. إني لا أقصد شيء بكلامي
و أتعهد بأني لا أعيدها مرة أخرى و سوف أكون سند لك و عين تبصر بها ما دمت حيا.
اقرأ أيضًا المقالة المماثلة