التضحية

القلم و الممحاة

صدفة إلتقى القلم و الممحاة داخل مقلمة ، واشتد الكلام بينهما إلى حد أن قام القلم بالخروج من المقلمة ، وبدأ يصيح بصوة مرتفع

إني أكرهك ،لا أريد أن أراك ، ولا أسمع إسمك يذكرأمامي.

الممحاة :   لماذا كل هذا الحقد في قلبك تجاهي ، إني أرى نفسي رفيقتك في الدرب، متلازمين، متعاونين. كل منا يأخذ بيد رفيقه  حتى تسهل مهمتنا

القلم : ضحكتني والله.

الممحاة  : لماذا ، وماذا كان بيننا ؟

القلم : أتسألين ماذا كان بيننا ، كلما كتبت ، إلا وأنت تتبعينني من الخلف دون أن أفق وتقومين بأفعالك

الممحاة :  ماذا فعلت ؟

القلم  : تقولين هذا و لا تخجلين

الممحاة  : لأ فهم ماذا تريد أن تقوله

القلم : كلما قمت بكتابة سطر أو فقرة إلا وأنت تتسللين ورائي لمحو شئ منه دون أخذ  الإستشارت مني

الممحاة  : ما أقوم به خدمة لك

القلم : ما هذه الخدمة يا ترى؟

 الممحاة : بعد قراءة ما كتبت ، أقوم بمحو كل الأخطاء الموجودة بالنص

    القلم: أي أخطاء وجدت 

الممحاة : أنزع لك الأخطاء ، وأعطي لك الفرصة للتصحيح

القلم : شكرا لك ، وأطلب منك الإبتعاد عني ولا أريد هذه الخدمة

الممحاة : لا يا سيدي لماذا هذا البغض في قلبك ، إني أريد أن أكون رفيقتك في الكتابة

القلم : ألا يوجد لك مهام أخرى ، أو رفيق لك في حياتك

الممحاة : أجل يا سيدي ، الرفقاء كثيرون ، ولكن الذي يمكن أن ينسجم مع مهامي وأتعاون معه ليسوا كلهم

القلم : إذا أختاري رفيقا يناسبك بدلا مني مادم لك الإختيار في ذلك

القلم و الممحاة, رفيقين متلازمين في خدمة غيرهما يضحيان من أجل العلم والنور و المعرفة

القلم و الممحاة

الممحاة : إعذرني يا سيدي ، بحثت عنه ولم أجده إلا في شخصك أنت

القلم : بالله عليك ، ما هذا الوباء ، من أرسلك حتى تكونين رفيقة سوء لي

الممحاة : أستسمحك الله ، لماذا هذا الكره وأنا دائما كنت في مساعدتك كلما كنت بحاجة الي.

القلم : أتسمين هذه مساعدة ؟ أنا أسهر الليالي وأحرق نفسي في الكتابة ، وأعيد  قراءتها مرات ، تأتي الممحاة وبكل بساطة لمحو ما كتبت وتعبت من أجله ، ثم تقول لي بأني أساعدك

الممحاة : أجل يا سيدي ، أنا لا أمحو كل الكتابة ، ولكن أرصد الأخطاء فقط . ثم أعطي لك فرصة ثانية لتعديل النص حتى يصل إلى قرائك صحيحا و منقحا

القلم : ألا تشفقين علي؟ ألم تر كيف كنت ، وكيف أصبحت من شدة التعب و السهر حتى أكتب بضعة كلمات؟

الممحاة : أجل ، ياسيدي كنت طويلا ، ملونا ، ناعم الملمس أنيق المظهر

القلم : وكيف أصبحت حاليا؟

الممحاة : أصبحت قصيرا ، متهالك تكاد تنتهي ، وذاهبا إلى النهاية بلا شك .وانت ماذا قلت عني. وكيف أبدو لك؟

القلم : حتى أنت أراك في تناقص حجمك ، ولماذا كل هذا؟

الممحاة : أعمل هذا من أجل أن يصل النص منقحا ، صحيحا إلى السادة القراء

القلم : إني أراك في طريق الزوال

الممحاة : بدون شك في ذلك المصير المحتوم ، ولكن نفسيا راضية على ذلك

القلم : ذاهبة إلى الفناء وأنت راضية؟

الممحاة : نعم ، إننا مشتركين في هذا العمل ، حتى نفد الآخرين وهم مجتع القراء

القلم : أتضحين بنفسك من أجل غيرك؟

الممحاة : نعم ، ولهذا قلت لك إننا رفيقين متلازمين ، نقوم بخدمة غيرنا ، ونسمي هذا بالتضحية ، من أجل إسعاد غيرنا

القلم  : نعم إننا نضحي بحياتنا من أجل أن يعيش غيرنا في وسط يسوده العلم والنور و المعرفة

الممحاة : هذا لايأتي بدون تضحية من أجل أن نسعد الآخر          

   

 

عن Yazid

شاهد أيضاً

الرّاتب الشهري

الرّاتب الشهري

عندما يأتي راتبك في الوقت المناسب، قد تأكل دجاجا، و عندما يقل الراتب ربما تأكل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *