يحكى أن بخيلا زاره يوما صديق عزيز عليه، فقده منذ مدة و لم يراه. إستقبله في بيته بحفاوة، أراد أن يكرمه.
أثناء الحديث نادى إبنه و قال له: إذهب إلى السوق فأشتري لنا لحم طري لذيذ الطعم من أجل ضيافة حبيبنا الغالي علينا.
خرج إبن البخيل مسرعا قاصدا السوق لإبتغاء حاجته.
دخل إلى الجزّارة و طلب منه أحسن و أفضل الأنواع الموجودة عنده من اللحم من أجل إكرام ضيفهم. الجزّار إستقبله بلباقة، و قال له سوف أقطع لك قطعة لحم لذيذ وطري مثل الزبد.
صمت الإبن قليلا، ثم قال إذا كان اللحم الجيد مثل الزبد، و لماذا لا أشتري الزبد
فهو أرخص. ترك الجزّار و قصد البقال لإقتناء حاجته منه.
عند وصوله إليه، قال الإبن لدينا ضيف عزيز علينا كثيرا, أريد تكريمه و لذا قصدتك لشراء له أفضل أنواع الزبد.
قال له البقال: حاجتك موجودة عندنا، سوف أمنحك زبد لذيذ, ذوقه مثل العسل.
ترك الإبن البقال و قصد آخر لإقتناء العسل عنده. و عند وصوله إلى البقالة طلب عسل حلو و من أجود الأنواع عنده.
قال له البقال طلبك بسيط، سوف أمنحك عسل حلو، مذاقه مثل الماء.
هنا توقف الإبن و ضحك في قرارة نفسه، و قال إذا كان هكذا، لماذا أشتري الماء،
فالماء موجود عندنا، و من أحسن الأنواع، فهو ماء جديد, عذب و نقي، من ينبوع الحديقة.
البخيل: إذا كان اللحم الجيد مثل الزبد، لماذا لا أشتري الزبد
رجع الإبن إلى الدار فارحا و خالي اليدين.
راءه والده، و خرج إليه يجري و يصيح في وجهه، ويحاك يا ولد هل نسيت الوصاية، الا تعرف بأن الدار لا يوجد بها شيء نكرم به ضيفنا.
قال الولد بلى يا أبي لم أنس، و لكن… بدأ الإبن يسرد حكايته على أبيه و هو يستمع، من الجزار إلى البقالة و توصل في النهاية إلى أن أحسن أنواع اللحم هو الماء،
ثم قال و لماذا أشتري الماء، فأحسنه موجود عندنا.
ضحك الأب من شدة فطانة إبنه و حسن تصرفه، و قال له إنك تشبه أباك في كل شيء،
لكن أعاتبك في شيء آخر، لقد قطعت حذاءك من كثرتك للمشي. قال الإبن لا تخاف علي
يا أبي، عندما خرجت لبست حذاء ضيفنا.
ضحك البخيل مع إبنه كثيرا. و كان كل ما دار من كلام بينها سقط على مسمع ضيفهم، فأصيب بخيبة و قال إنه لم يتغير فيه أي شيء رغم فعل الزمن.
نهض و أخذ معه نعله و غادر البيت دون إستأذان من أحد.