كثيرا ما نتساءل لماذا يزول الآلم بعد أن نجرح ؟ لماذا لايستمر ساعات طويلة ؟ ما الذي يوقفه ؟ وهل يستطيع الجسم أن يشفي نفسه بنفسه, في هذا المقال أشرح آليات الشعور بالألم وتأثير المخدرات في الجسم.
في عام 1977 إكتشف علماء الفسيولوجيا قدرة خلايا المخ علي إفراز مواد طبيعية لها تأثير المخدرات و المورفين والهيروين والمطمئنات المختلفة .كما توصلوا إلي طرق الكشف وقياس هذه المواد الموجودة في المخ ( الهيبوثلاموس) وأيضا في الغدة النخامية .والمخ يفرزها في وقت الألم و الأزمات النفسية المختلفة وهذه المواد مسكينة تجعلنا نتحمل العناء.
كيف نشعر بالألم
مستقبلات الألم هي مستقبلات غير متخصصة. إنها نهايات عصبيةغير نخاعية عارية. موجودة في الطبقات السطحية لأ دمة الجلد وهذه النهايات العصبية في غاية الصغر . تسير في خطوط متوازية مع سطح الجلد و هي موجودة كذلك في القرنية ……و غيرها.
تنتقل نبضات الآلم السيالات من الجلد إلي الجهاز العصبي المركزي عن طريق الألياف الحسية الجسمية إلي الحبل الشوكي. ثم السرير الهيبوثلاموس إلي قشرة المخ المنطقة ( 1.2.3 )، حيث يتم تقويم الآحاسيس وإدراكها علي الصورة المألوفة المفهومة عندنا.
وتستجيب مستقبلات الآلم لشتي المؤثرات المكانيكية ،الكيميائية والحرارية. فليس المهم هنا نوع المؤثربقدر ما تكون الآهمية لمدى شد ته .فمؤثرات الآلم علي إختلاف أنواعها ومصادرها تشترك كلها في صفة واحدة وهي فقدان الآنسجة و إتلافها ،ولذا شعورنا بالآلم ينبهنا ويحذرنا بالإبتعاد عن هذه المؤثرات المحد ثة للألم و بالتالي تقليل الأنسىجة المفقودة والمتلفة.
وفي بعض الحالات المرضية يحدث إختلاف في حساسية مستقبلات الآ لم مما يؤدي إلي زيادة الشعور بالآلم .فمثلا المنطقة المحيطة بأي إلتهاب أو حرق نجدها أكثر حساسية عن باقي الجلد نظرا لإختلال حساسية مستقبلات الآلم فيها.
الفعل المنعكس
ماالذي يجعلنا دون أن ندري ندفع بذراعنا بعيدا عن مصدر الآلم ؟
عندما تمس جسما ساخنا ، يندفع سيال حسي من هذه المنطقة إلي الحبل الشوكي ، فيقوم بتنشيط مجموعة من الخلايا العصبية المحركة في نفس العقلة من الحبل الشوكي وبذلك يحدث رد الفعل في التو فتسحب يدك بعيدا .مثل هذه الآفعال لاتتطلب شيئا من تقدير مراكز المخ العليا وتدبيرها ،فهي أفعال لاتقوم علي التفكير والتعقل.الغرض .الآساسي منها هو الحماية والدفاع، وتقليل نسبة الأنسجة المفقودة والمتلف.
العتبة الحسية للأ لم
وهي أصغر قدر من التنبيه يستطيع الإنسان تمييزه ، ويجيب أن نؤكد بأن هناك إختلافا بين إدراك الألم و إستجابة الجسم للألم ( التغيرات المصاحبة للألم مثل إنقباض عضلات الوجه ، إرتفاع ضغط الدم ،وزيادة إفراز العرق ، وإضطراب النبض …… إلي آخره).
فإدراك الألم في الإنسان يكاد يكون ثابت بين الأشخاص المعافين ، و قد تظهر بعض الإختلافات البسيطة وقد وجد أن القبض علي الأشياء و الجذ علي الأسنان يعيننا على تحمل الألم كما تفعل السيدات أثناء الولادة ،كما أن تشتت الفكر وإحداث ألم في مكان آخر يؤدي إلي تقليل إدراكنا للألم الأساسي لذا يشعر المريض بالشفاء بعد كيه إذ أن إدراكه للألم ينتقل من مكان المرض الأساسي إلى مكان الكي.
ألم العضلات
الإنقباض المنتظم لعضلات الجسم التي تحصل على كمية الدم التى تحتاجها لا يصاحبها اي شعور بالألم. وبمجرد أن تختل كمية الدم التي تصل للعضلات يبدأ الشعور بالألم مع حدوث تقلص شديد بها . ويستمر الشعور بالألم إلي أن ترد كمية الدم المطلوبة لهذه العضلات. ويمكن أن يحدث ذلك عند إنقباض العضلات بصفة مستمرة ولمدة طويلة وبدون فترات راحة بين الإنقبضات ، مما يؤدي إلى نقص كمية الدم التي تصل إليها وبالتالي الشعور بالألم. وقد تبين أن العضلات تفرز مادة محدثة للألم عندما تنقبض بصفة مستمرة ولفترات طويلة مما يؤدي إلي شعورنا بالألم (التقلص العضلي) الذي يحدث للاعبي كرة القدم. وهذه المادة هي حمض اللبن. عندما تصل هذه العضلات المتعبة كمية الدم التي تحتاجها يبدأ صرف مادة حمض اللبن في تيار الدم يقل الشعور بالألم.
الألم المرتجع
إلتهاب الحشا غالبا ما يؤدي إلي الشعور بالألم بعيدا عن مصدره الحقيقي ،إذ يبدو الألم وكأنه صادر من بعض المناطق الجسمية . وهذا النوع من الألم يسمي بالألم المرتجع ، فالألم ينتشر ويشعر به المريض في منطقة بعيدة عن مصدره الأصلي . ولذلك فمن الأشياء المهمة لكل طبيب معرفة الألم المرتجع وأماكن الشعور بالألم التي تصاحب أمراض الأعضاء المختلفة . وخير مثال على ذلك الألم المصاحب للذبحة الصدرية فمصدره الأساسي القلب ولكن المريض يشعر بالألم في الذراع الأيسر . كما ان تهيج الجزء الأوسط للحجاب الحاجز يؤدي إلى الشعور بالألم في الكتف . وأيضا تمدد الحوالب يؤدي إلى الشعور بالألم في الخصية .ورغم ذلك لاتوجد قاعدة معينة للألم المرتجع فربما يحدث بالألم في مناطق أخرى غير هذه .
فمثلا الألم الناشئ من قصور الدورة التاجية للقلب (الذبحة الصدرية ) قد نشعر به في منطقة البطن (فم المعدة ) أو في الذراع الأيمن أو حتي في الرقبة.
المخدرات الطبيعية
وجد حديثا أن المورفين الطبيعي على أنواع . ويقوم الجسم بإفراز هذه المورفينات من مادة بيتا
ليبو بروتين الموجودة في الغدة النخامية و المخ .و مادة بيتا ليبو بروتين تم إكتشافها من عدة سنوات و لكنها أهملت لعدم معرفة فائدتها . و أهم أنواع المخدرات الطبيعية المعروفة :
- 01 مجموعة الأنكفالين
: لها نفس تأثير المورفين ، وتتركب من خمسة أحماض امينية ، و غالبا ما توجد النهايات العصبية عند إتصالها بالخلايا العصبية .
- 02 مجموعة الأندرو فين
وهذه المجموعة من المخدرات تتركب من 31 حمض أميني و هي علي أنواعها منها
ألفا أندروفين , بيتا أند روفين , جاما أندر وفين
وهذه المواد توجد ملتصقة على مناطق معينة من سطح الخلايا العصبية في مراكز الدماغ مثل مراكز الألم و الخوف ، و الإنفعالات … ولذا فإن دماغ الإنسان هادئ و يعمل بروية و حكمة.
الأفيون نعمة أو نقمة
لا نعرف متى بدأ إستخدام الأفيون كدواء و لا يزال الطب إلى الآن في حاجة إلى الأفيون فهو مسكن مهدئ و مداوي للكحة و فعال في علاج الإسهال
ويستخدم المورفين كمهدئ في حالات الصدمة.
الإدمان
تغيرت نظرة العلم الحديث للإدمان و المدمنين ، فبعد الأبحاث الجديدة ثبت لنا وجود إضطراب أيضي في الأشخاص المهيئين بطبيعتهم للإدمان ، وهذا الإضطراب يختلف بحسب نوع الإدمان . وإذا ما توقف عن تناول العقاراو المخدرات فتظهر عليه بعض الأعراض كالعرق الشديد ، إدماع العينين ، سيل الأنف ، إرتعاش العضلات ،الإنقباض المؤلم لبعض العضلات ، التقيئ ، و الإسهال بصورة حادة . وبذلك يعود إليه مرغما . وتفسير ذلك أن العمليات البيولوجيا المختلفة أصبحت مضطربة وأصبح وجود العقار ضرورة حتمية.
المورفين الطبيعي و الغدد الصماء
وجد حديثا أن بعض هرمونات الغدد الصماء يتم إفرازها عن طريق مادتي الأند روفين و الأنكفالين . و على هذا الأساس يمكن إعتبارهما مسؤولتين عن تنظيم إفراز بعض الغدد الصماء ، فإضطراب بعض الغدد قد يكون أحد أسبابها المورفين الطبيعي ، فحالات زيادة إفراز هورمون البرولاكتين التي يصاحبها عدم إنتظام الدورة الشهرية عند النساء . أما في الرجال فتكثر الشكوى عن العجز الجنسي ، قد يكون أحد أسبابها زيادة إفراز مادة الأندروفين
لذلك فالنظريات الحديثة تشير إلى أهمية المورفين الطبيعي لا كمسكن للألم فحسب و لكن لدوره كعامل وسيط في إفراز بعض هرمونات الغدد الصماء ، كما أن زيادة إفراز المورفين الطبيعي قد تكون أحد الأسباب المسؤولة عن إضطرابات الغدد الصماء.