قصة الرجل و الثعبان من قصص التراث الأمازيغي التي كانت تروى علينا من طرف العجائز ونحن صغار. نلف حولها وحول كانون توقد فيه النار في فصل الشتاء الباردة. كنا نسمع إليها بأذن صاغية نستمتع بسماعها.
كان يحكى أن هناك رجل يسكن في إحدى القرى في منطقة جبلية بعيدة عن المعمورة. ذات يوم من أيام الشتاء الباردة خرج من منزله باكرا، مرتديا برنوسه الأبيض المنسوج بصوف أغنامه من طرف النساء.
البرنوس لباس كل رجال المنطقة يرتادونه للوقاية من البرد في الشتاء، وكذا عند نهاية أشغالهم اليومية يخرجون إلى جامع القرية للتلاقي والترفيه عن النفس. نجدهم كلهم يلفون جسمهم بالبرنوس و في بعض الحالات لا يظهر فيهم إلا الرأس.
أثناء المشي في الطريق الجبلي المعروف بالتواءاته، لمح الرجل شيء يبدو وكأنه ثعبان مستلقيا في الأرض. اقترب منه بحذر شديد، لأن الثعبان معروف بالعدوانية والمخادعة. حركه بعصاه، لاحظ أنه يتحرك.سحب ذيله قليلا.
فقال الرجل في قرارة نفسه إن سقيع البرد طوال الليل أهلكه. إذا أخذته إلى الدار ووفرت له الدفء والطعام، سوف يسترجع قواه و تدوب في جسمه الحياة، ثم أطلقه في البراري بعيدا عن الديار.
فعلا أخذه الرجل و وضعه داخل قلنسوة برنوسه الدافئة، وأكمل مشواره. أثناء المشي شعر الرجل بشيء حول رقبته. بدأ يقلقه, توقف و نزع برنوسه، و إذا به يجد الثعبان ملتفا حول رقبته. بدأ الثعبان بالضغط والشد حول عنقه، هنا شعر بالخوف من الاختناق واللدغ من طرف الثعبان.
ارتبك الرجل ولا يعرف ماذا يفعل، بدأ يصيح ماذا أنت فاعل يا ثعبان؟ ما فعلته بك إلاّ خيرا. وجدتك ميتا، أردت أن أوفر لك الدفء والطعام و الآمان، و أنت أردت الغدر. ما هذا؟
نطق الثعبان، ألا تعرف بأني أنا الثعبان.
قال الرجل لكني أردت أن أنقذ حياتك من الهلاك فقط.
سمع قنفذ كلام الرجل كان بالجوار، إقترب منه، وقال له ما بك يا رجل تتكلم وحدك؟
نظر الرجل إلى القنفذ و بدأ يروي له الحكاية و ما حدث له.
حينها طلب القنفذ من الثعبان النزول إلى الأرض قصد إيجاد أرضية للتفاهم.
وافق الثعبان على ذلك، فنزل إلى الأرض، ثم قال له ماذا تريده مني يا قنفذ قل ما عندك. نطق القنفذ موجها كلامه للرجل، ماذا تنتظر؟ إنها فرصتك، أقتله.
سمع الرجل كلام القنفذ، وأنهال عليه ضربا حتى أرداه ميتا.
رفع الرجل رأسه وهو يلهث من شدة التعب، نظر حوله ولم يجد القنفذ أمامه. و ظهر له بعيدا يجري و كأنه خائفا من شيء.
قال له الرجل إلى أين أنت ذاهب يا قنفذ؟
أليس أنت الذي أنقذتني من أذى الثعبان؟
ألا تنتظر مني المكافأة و رد الجميل؟
نظر القنفذ إلى الرجل و قال له. لا أثق فيكم، أليس أنتم الذين تقولون وجدت قنفذا في طريقي سأخذه لتحضير عشاءا لذيذا هذه الليلة.
لذا سوف أهرب قبل أن يدور اللعب، و أصبح عشاءا للأسرة هذه الأمسية.
الحياة ليس فيها آمان و الدوام فيها للذكي والأقوى.
هل أعجبتك قصة الرجل و الثعبان؟ قد تعجبك أيضًا قصة