التقى الذئب مع الكلب في الغابة و كأنهما على موعد بعيدا عن أنظار الناس ، بعد الإستئناس ببعضهما البعض بدأ الحديث بينهما .
قال الذئب : كيف حالك مع الإنسان ؟
الكلب : مثلي مثل باقية الكلاب التي تعيش مع أسيادها.
الذئب : ألكم أسياد ؟
الكلب : أجل ، لكل كلب سيده
الذئب : لماذا السيد ؟
الكلب : يقوم الكلب بحراسة بيت سيده ويرافقه في رحلة صيده ، يدافع عنه ، ينبهه بكل خطر قادم إليه ، يسهر على حراسته طول الليل .
الذئب : ماهو مقابل كل هذه الخدمات من سيدكم ؟
الكلب : يقدم لنا الأكل والماء دون البحث عنه
الذئب : هل مكانتك محترمة بينهم ؟
الكلب : بلى ، محترمون ، لكنهم يصفون الإنسان غير المحترم بينهم بالكلب
الذئب : ما أفهمه منك أنك مهان
الكلب : يوصف الإنسان القذير وذوي الأخلاق السيئة بالكلب أو إبن الكلب ، وأكثر من ذلك يصفون عائلته كلها بأبناء الكلبة ، ويقولون كذلك ماذا من أولاد الكلبة كلهم كلاب .
الذئب : هل رضيت بهذه الإهانة ؟
الكلب : ما عساي أن أفعل
الذئب : تترك سيدك وتخرج إلى البراري لتعيش حرا
الكلب : لقمة العيش
الذئب : الرزق موجود في كل مكان ، عليك بالبحث عنه
الكلب : تعودنا على العيش السهل ، إذ نجد أكلنا مع كل موعد للأكل
الذئب : ماذا تأكل ؟
الكلب : ما فاض من أكله ، أو ما لايعجبه من الأكل
الذئب : هذا تأكيد بان معيشتك مذلولة
الكلب : تعودنا على هذا ، ونحاول أن نرضي سيدنا حتى نتفادى الضرب أو المعاقبة
الذئب : تعيش حياة إذلال وإهانة وتخاف من الضرب ، كسر أغلالك وأطلب الحرية ، فهي أغلى ما في الوجود .
الكلب : أخاف من المستقبل
الحرية لايعرفها إلا من عاشها ، وأستمتع بفضاءها
الذئب : عيش حرا أو تبقى مذلولا . الحرية لايشعر بها إلا من عاش رحابها وتنفس هواءها. أنا حر في هذه الطبيعة ، غير مقيد ، أذهب حيث ما شئت ، ولا أحد يتحكم في أموري ، شأني مثل الطبيعة ، أعيش الحياة بشكل طبيعي دون تكفل أو حساب .
الكلب : كيف تتدبر أمورك ؟
الذئب : قلت لك أعيش الحياة كما هي ، لاقيد ولا حدود.
الكلب : من أين لك المأكل والمشرب والمبيت ؟
الذئب : أكل مما أصطاد ، لا أنتظر أحد يؤمن لي الأكل ، أصطاد كلما شعرت بالحاجة إلى ذلك . بعد الشبع أرقد في أي مكان أشعر بالآمان فيه في هذه الرقعة الشاسعة من الطبيعة
الكلب : ألا تخاف من الأعداء ؟
لايوجد عدو في هذه الأرض إلا الإنسان ، يهدد وجودنا ، يطاردون من كل مكان قريب منه.
الكلب : لماذا كل هذا ، إنك بعيد عنه وكل واحد في مكانه .
الذئب : يخاف على مواشيه وحيواناته الصغيرة. الكلب : لماذ تقترب من محيطه إذا ، مادا كان الخوف منه .
الذئب : لا أرغب فيه ، ولكن أريد حيواناته التي تمثل مصدر عيشي ، أقوم برصده من مكان آمن بعيدا عنه ، وعند غفله أنتهز الفرصة لسرقة إحدى حيواناته
إنها الحياه كلها, لا حدود ولا قيود ولا مسؤول عليك يأمر بما تفعل
الكلب : أنت سبب عداوته لك ، لماذ تسرق ماشياته
الذئب : الماشية خلقت لتؤكل ، يقوم هو بتسمينها لأكلها ولي نصيب أنا كذلك منها.
الكلب : أنت شكلت مع الإنسان عداوة أبدية
الذئب : ماذا يقول عني ؟
الكلب : يصف الإنسان الذئب بالحيوان الماكر، والمحتال ، دائما يأخذ حذره منك
الذئب : بيني وبين الإنسان علاقة ، لا أتركه يرتاح. أترقب حركاته مع كلابه من بعيد ، أتركه يطمئن بأني غير موجود ثم أهجم وأخذ كلما أستطعت إليه.
الكلب : لماذا هذا الخداع والسرقة من أرزاق الناس ؟
الذئب : أكل ما كتب لي ، لا أفرق بين ما يملكه وما هو موجود في الطبيعة ، وأجد السهولة في حيواناته لأنها مقيدة أو محبوسة في مكان ضيق ، والقبض عليها سهل دون تعب .
الكلب : أفعالك لا تعجبني
الذئب : ما العمل ، إذا لم أصطاد أبقى دون الأكل لعدة أيام.
الكلب : حياتك صعبة ، تعيش دائما خائفا ، هائما في البراري.
الذئب : حياة فيها متعة ، وراحة للنفس ، لا أحد يشاركك فيما تصطاده ، الأكل دائما متوفر جديد وطري ، وعند الشبع ترقد بجوار طريدتك. تسترخي وكأن الدنيا متاع ورخاء لايوجد فيها ما يزعجك.
الكلب : الإنسان يأخذ حذره منك دائما ، ويصفك بالشجاع ومهاجم بارع لا تفلت منك الفريسة.
الذئب : الحياة علمتني كيف أترصد الفريسة ، وكيف أخطفها من صاحبها . وإذا كانت تعيش حرة في الطبيعة أعرف كيف أنصب لها فخا كي تقع بين أنيابي .
الكلب : حياتك صعبة ولكنها تبدو لي ممتعة.
الذئب : الحرية لايعرفها إلا من عاشها ، وأستمتع بفضاءها ، هي فعلا لا تقدر بثمن ولا توصف بالكلمات ، إنها الحياه كلها لا حدود ولا قيود ولا مسؤول عليك يأمر بما تفعل.