صدفة إلتقى القلم و الممحاة داخل مقلمة ، واشتد الكلام بينهما إلى حد أن قام القلم بالخروج من المقلمة ، وبدأ يصيح بصوة مرتفع
إني أكرهك ،لا أريد أن أراك ، ولا أسمع إسمك يذكرأمامي.
الممحاة : لماذا كل هذا الحقد في قلبك تجاهي ، إني أرى نفسي رفيقتك في الدرب، متلازمين، متعاونين. كل منا يأخذ بيد رفيقه حتى تسهل مهمتنا
القلم : ضحكتني والله.
الممحاة : لماذا ، وماذا كان بيننا ؟
القلم : أتسألين ماذا كان بيننا ، كلما كتبت ، إلا وأنت تتبعينني من الخلف دون أن أفق وتقومين بأفعالك
الممحاة : ماذا فعلت ؟
القلم : تقولين هذا و لا تخجلين
الممحاة : لأ فهم ماذا تريد أن تقوله
القلم : كلما قمت بكتابة سطر أو فقرة إلا وأنت تتسللين ورائي لمحو شئ منه دون أخذ الإستشارت مني
الممحاة : ما أقوم به خدمة لك
القلم : ما هذه الخدمة يا ترى؟
الممحاة : بعد قراءة ما كتبت ، أقوم بمحو كل الأخطاء الموجودة بالنص
القلم: أي أخطاء وجدت
الممحاة : أنزع لك الأخطاء ، وأعطي لك الفرصة للتصحيح
القلم : شكرا لك ، وأطلب منك الإبتعاد عني ولا أريد هذه الخدمة
الممحاة : لا يا سيدي لماذا هذا البغض في قلبك ، إني أريد أن أكون رفيقتك في الكتابة
القلم : ألا يوجد لك مهام أخرى ، أو رفيق لك في حياتك
الممحاة : أجل يا سيدي ، الرفقاء كثيرون ، ولكن الذي يمكن أن ينسجم مع مهامي وأتعاون معه ليسوا كلهم
القلم : إذا أختاري رفيقا يناسبك بدلا مني مادم لك الإختيار في ذلك
القلم و الممحاة, رفيقين متلازمين في خدمة غيرهما يضحيان من أجل العلم والنور و المعرفة
الممحاة : إعذرني يا سيدي ، بحثت عنه ولم أجده إلا في شخصك أنت
القلم : بالله عليك ، ما هذا الوباء ، من أرسلك حتى تكونين رفيقة سوء لي
الممحاة : أستسمحك الله ، لماذا هذا الكره وأنا دائما كنت في مساعدتك كلما كنت بحاجة الي.
القلم : أتسمين هذه مساعدة ؟ أنا أسهر الليالي وأحرق نفسي في الكتابة ، وأعيد قراءتها مرات ، تأتي الممحاة وبكل بساطة لمحو ما كتبت وتعبت من أجله ، ثم تقول لي بأني أساعدك
الممحاة : أجل يا سيدي ، أنا لا أمحو كل الكتابة ، ولكن أرصد الأخطاء فقط . ثم أعطي لك فرصة ثانية لتعديل النص حتى يصل إلى قرائك صحيحا و منقحا
القلم : ألا تشفقين علي؟ ألم تر كيف كنت ، وكيف أصبحت من شدة التعب و السهر حتى أكتب بضعة كلمات؟
الممحاة : أجل ، ياسيدي كنت طويلا ، ملونا ، ناعم الملمس أنيق المظهر
القلم : وكيف أصبحت حاليا؟
الممحاة : أصبحت قصيرا ، متهالك تكاد تنتهي ، وذاهبا إلى النهاية بلا شك .وانت ماذا قلت عني. وكيف أبدو لك؟
القلم : حتى أنت أراك في تناقص حجمك ، ولماذا كل هذا؟
الممحاة : أعمل هذا من أجل أن يصل النص منقحا ، صحيحا إلى السادة القراء
القلم : إني أراك في طريق الزوال
الممحاة : بدون شك في ذلك المصير المحتوم ، ولكن نفسيا راضية على ذلك
القلم : ذاهبة إلى الفناء وأنت راضية؟
الممحاة : نعم ، إننا مشتركين في هذا العمل ، حتى نفد الآخرين وهم مجتع القراء
القلم : أتضحين بنفسك من أجل غيرك؟
الممحاة : نعم ، ولهذا قلت لك إننا رفيقين متلازمين ، نقوم بخدمة غيرنا ، ونسمي هذا بالتضحية ، من أجل إسعاد غيرنا
القلم : نعم إننا نضحي بحياتنا من أجل أن يعيش غيرنا في وسط يسوده العلم والنور و المعرفة
الممحاة : هذا لايأتي بدون تضحية من أجل أن نسعد الآخر